عاشقة الجنان ::مشرفة عامة::
الجنس : عدد المساهمات : 931 نقاط : 1306 السٌّمعَة : 11 تاريخ التسجيل : 07/03/2010 العمر : 34 الموقع : www.kutub.info العمل/الترفيه : أسعى لرضا الرحمان والفوز بالجنان المزاج : الحــمــد لله
| موضوع: بطل المحنة :الإمام ابن حنبل الجمعة 11 مارس 2011, 4:34 pm | |
|
سير الصالحين مدرسة، أسسها القرآن ،ووعتها السنة ، ومعنا في هذه الأوراق : صالح من الصالحين ، بل أمام الدنيا ، وحافظ العصر ، وأحفظ أمة محمد صلى الله عليه وسلم للحديث . وعت الدنيا اسمه ، وحفظت القلوب رسمه ، فما هنالك فيما أظن مسلم يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ، إلا ويعرف هذا الإمام حتى من أعدائه من الكفار ، والمنافقين فأنهم يعرفونه إلى قيام الساعة . هو الإمام ( أحمد بن حنبل ) أمام أهل السنة ، الواقف يوم المحنة ، الزاهد فيما سوى الله ، المتقن للحديث . فمن هو الإمام أحمد ؟ علنا نقتدي بشيء من سيرته ، فإن لم نستطع ، فلنحبه في الله ، فإن المؤمن يحشر مع من أحب ، والمؤمن والخليل على دين خليله ، والله عز وجل يقرن الأصناف مع أصنافهم ، والأنواع مع أنواعهم والأشباه مع أشباههم. أحب الصالحين ولست منهم *** لعلي أن أنال بهم شفاعة واره من تجارته المعاصي *** ولو كنا سواء في البضاعة ولد الإمام أحمد في آخر القرآن الثاني ، وعاش في بيت فقير . مات أبوه ، وهو طفل ، فكفلته أمه الزاهدة العابدة الصائمة القائمة . قال أحمد ، رحمه الله : فحفظتني أمي القرآن ، وعمري عشر سنوات ، فحفظ كتاب الله ، واستوعباه في صدره ، ففرت الوساوس والشياطين من صدره ، فأصبح عابدا لله . وقال أحمد ، رحمه الله : كانت أمي تلبسني اللباس ، وتوقظني وتحمي لي الماء قبل صلاة الفجر ، وأنا ابن عشر سنوات ، ثم كانت تتخمر وتتغطى بحجابها ،وتذهب معه إلى المسجد ؛ لأن المسجد بعيد ، ولأن الطريق مظلمة . فانظر إلى هذه المرأة الصالحة ! عاش في هذا الجو ، وعاش في هذا البيت ،وكل همه : أن يعبد الله بكلام الله ، وان يكون عبدا خالصا لله . قال : فأعطتني متاع السفر . أتدرون ماذا أعطته من الزاد وكم أعطته من الألوف ؟ وكم أعطته من الدراهم والدنانير ؟ لقد صنعت له ما يقارب عشرة من الأرغفة من الشعير ، ووضعتها في حقيبة من قماش معه ، ووضعت معها صرة ملح!! وقالت : يا بني ، إن الله إذا استودع شيئا لا يضيعه أبدا ، فأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه . فذهب من عندها من بغداد ، من عاصمة الدنيا ، من دار السلام . لماذا ذهب ؟ اذهب للسياحة كما يفعل اللاهون اللاغون اللعابون ؟ أم ذهب إلى التسكع كما يذهب السادرون المخمورون المسكورون ؟ أم ذهب إلى ضياع الأوقات والتدحرج على الثلج كما يذهب الذين رفعت عنهم أقلام التكليف ؟ لا ، بل ذهب ليبحث عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذهب إلى مكة والمدينة . من زار بابك لم تبرح جوارحه *** تروي أحاديث ما أوليت من منن فالعين عن قرة والكف عن صلة *** والقلب عن جابر والسمع عن حسن فذهب ، رحمه الله ، وقال مضيت من بغداد على رجلي إلى مكة ، فضعت في الطريق ثلاث مرات ، فكنت كلما ضعت استغفرت الله ، ودعوت الله . قال : فوالله ما انتهيت من كلامي ، إلا وبدلني الله تعالى على الطريق . من هو ملجأ الخائفين ؟ انه الله . من هو منقذ العارفين ؟ انه الله . فكان كلما ضاع في الصحراء ، التجأ إلى الله فليس عنده علامات ، ولا بوصلات ولا خطوط صحراء ، بل هي ارض مقفرة يضيع فيها الذكي والبليد. فضاع الإمام أحمد ، ولكن رد اتجاهه إلى الله (( أحفظ الله يحفظ )) فلما حفظ الله حفظه الله في سمعه وجوارحه ودينه ومستقبله وسمعته إلى يوم القيامة . وحفظ الله اسمه للملايين ؛ عند مسلمي الصين واليابان والملايو والعراق والجزيرة وسوريا والجزائر ، ومسلمي أمريكا ، فلهم يسمعون بأحمد بن حنبل ؛ لأنه حفظ الله . ثم وصل إلى مكة ، وأخذ حديث مكة ، وبعدها سافر إلى اليمن إلى صنعاء اليمن ، إلى عبد الرزاق بن همام الصنعاني يطلب الحديث ، وبينما هو في طريقه ضاع مرة رابعة ، قال : وانتهت نفقتي من الخبز إما الدراهم فما كان عندي دراهم ، فماذا افعل ؟ قال : نلت إلى قوم أهل مزارع ، يحصدون ويصرمون ، فأجرت منهم نفسي ثلاثة أيام ، يا سبحان الله ! إأمام الأئمة الذي يحفظ ألف ألف حديث ، كما يقول الذهبي وابن كثير ( أي : مليون حديث ) ويؤجر نفسه من الحصادين فيحصد لهم . ووصل بحفظ الله إلى صنعاء ، واخذ الأحاديث النبوية وكتبها . كان يسهر الليل حتى الفجر ،ويصوم النهار حتى الغروب . يقول ابنه عبد الله : كان أبي يصلي من غير الفرائض في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة. وانظروا (( تذكرة الحفاظ )) للذهبي ، و(( سير أعلام النبلاء )) له و((البداية والنهاية)) لابن كثير ، و(( تاريخ بغداد )) ، و (( تاريخ دمشق )) فكلها متواترة على انه كان يصلي من غير الفرائض في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة ، وكان يسرد الصوم إلا في بعض الأيام . ووصل إلى صنعاء ، فقدم له جوائز من السلطان ،ومن الأغنياء ، فرفض وأبى وقال : اعمل بيدي ، فاشتغل في بعض الصناعات ، فرفض وأبى وقال : اعمل بيدي ، فاشتغل في بعض الصناعات بيده حتى أعطاه الله بعض النقود ، ثم عاد إلى بغداد . أما علمه ، رحمه الله ، فهو البحر ، وحدث عن البحر ولا حرج ، (( واتقوا الله ويعلمكم الله )) فالعلم لي بالمؤسسات ، ولا بالشهادات ، ولا بالجامعات ، العلم :تقوى الله ، العلم :طلب العلم من الحي القيوم الذي يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم:{ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (طـه: من الآية 114) ويقول لسليمان {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (الأنبياء: من الآية 79). فالفهم من عند الله ، والعلم من عند الله ، والفقه من عند الله ، والذكاء من عند الله ، فيا من اغتر بشهادته ، أو بمستواه ، أو بمنصبه ، والله ، لن تنفعك عند الله جناح بعوضة ، العلم : أن تتعلم وتعمل ، وتعلم الناس لي إلا ، سواء عندك شهادة ، أو لم يكن هناك شهادة ، سواء تعلمت في مدرسة أو لم تتعلم . {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } (البقرة: من الآية 282) ، فعلم الله الإمام أحمد ، فحفظ ألف ألف حديث ، يستحضرها كما يستحضر الفاتحة حتى كتب (( المسند)) من حفظه في أربعين ألف حديث ، فهو اكبر مسند في الدنيا ، وفي المعمورة ، وعلى البسيطة ، وبين أيدينا ، ولكن من يقرأ (( المسند ))؟ ومن يطالع (( المسند ))؟ ومن يتفقه في (( المسند))؟ أأهل الصحف اليومية والخزعبلات وأهل الملاهي والملاغي ؟ إلا من رحم الله . وأصبح مطبوعا لنا طبعة فاخرة ، وأصبح معروضا لنا عرضا جيدا ، وأصبح محققا في الدواليب عندنا ، فوضعناه ديكورا وزينة . فيا أمة محمد ، من يقرأ (( مسند )) أحمد ؟ إن من يقرأه سوف يجد التقوى والزهد ، والرفعة ، والخوف من الله خشية الله عز وجل . أفت الإمام أحمد في ستين ألف مسالة ، يقال الله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذم المنطق وذم الرأي ، وذم الفلسفة والجدل . أما تواضعه : فمنقطع النظير ، وطالب العلم ، والمسلم ، والعالم والمسؤول ، إذا لم يكن متواضعا لله ، فلا تنظر إليه ؛ فإن الله قد مقته من فوق سبع سماوات ، وقد باء بخزي من الله ، إن لم يتب . كان ، رحمه الله ، متواضعا جد التواضع. قال الحفاظ : رأينا الإمام أحمد نزل إلى سوق بغداد ، فاشترى حزمة من الحطب ، وجعلها على كتفه ، فلما عرفه الناس ، ترك أهل المتاجر متاجرهم ، وأهل الدكاكين دكاكينهم ، وتوقف المارة في طرقهم ، يسلمون عليه ، ويقولون : نحمل عنك الحطب ، فهز يده ،واحمر وجهه ،ودمعت عيناه وقال : نحن قوم مساكين ، لولا ستر الله لافتضحنا ، نحن قوم مساكين لولا ستر الله لافتضحنا . والعجيب في الإسلام: أن العبد كلما ازداد تواضعا لله ، كلما زاده الله رفعة، وكلما ارتفع كلما زاده الله حقارة ومهانة ، ومذلة جزاء وفاقا . أتى رجل ليمدح الإمام أحمد ، فقال له الإمام أحمد : أشهد الله إني أمقتك في هذا الكلام ،والله ، لو علمت ما عندي من الذنوب والخطايا لحثوت على رأسي بالتراب ، انظر إلى الإمام ! انظر إلى العابد ! جاءه قوم فقالوا : يا أحمد ، يا ابن حنبل ،إن الله قد نشر لك الثناء الحسن ، والله أنا لنسمع الثناء عليك في كل مكان ،حتى في الثغور مع الجيش ،وهم يقاتلون العدو ، ويدعون لك وقت ما يرمون بالمنجنيق ، فدمعت عيناه ، وقال : أظن انه استدراج من الله عز وجل ، فقيل له : بل هي عاجل بشرى المؤمن . أما زهده في الدنيا ، فقد رفعه عن كثير ممن عاش معه ، وأتته الدنيا راغمة إلى باب بيته فأباها . طلب منه أن يتولى القضاء فامتنع وقال : إن تركتموني ، وإلا فوالله لأهاجر إلى مكان لا تجدوني فيه أبدا . كان دخله في الشهر سبعة عشر درهما فيقول : هذه تكفينا . يقول أبناؤه : يا أبتاه، هذه لا تكفينا . فيقول : إنما هي أيام قلائل ، وطعام دون طعام ، ولبا دون لبا حتى نلقى الله الواحد الأحد . يقول ابنه عبد الله : بقيت حذاء أبي في رجله ثمانية عشر سنة ، كلما خرمت خصفها بيده ،وهو إمام الدنيا . أرسل لها المتوكل ثمانية أحمال من الذهب والفضة ، حملها الوزراء على أكتافهم مع سرية من الجيش بعد المحنة ، فردها ، وقال : والله ، لا يدخل بيتي منها درهما ولا دينارا . وأما خلقه ، فأحسن الناس خلقا ؛ لأن من يتعلم صباح مساء من القرآن ، ومن يجلس مع القرآن ، فسوف يؤثر فيه ، ولو طالت السنوات والأعوام. والذي لا يأخذ أخلاقه من القران والسنة ، فمن أين يأخذ الأخلاق ؟ ومن أين يتعلم الآداب ؟ أمن ديكارت ، وكانت ، وغيرهم من الكفرة الذين نقلوا ثقافتهم إلينا لنتعلم منهم ؟ متى كانوا أساتذة ؟ ومتى كانوا معلمين ؟ بل هم أحقر الناس وأخبث الناس مع الناس . إنما يتعلم من وحي السماء ؛ الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم . يقول الإمام أحمد : رحم الله أم صالح ( يعني : زوجته وقد توفيت ) صاحبتني ثلاثين سنة،والله ما اختلفت أنا وهي في كلمة واحدة . زوجته في بيته ، صاحبته ثلاثين سنة، ما اختلف معها في كلمة واحدة . أتاه رجل من اتباع السلطان المعتصم ، فسب الإمام أحمد أمام الناس ، وجدعه وشتمه ، وأخزاه بالكلام ، ولكن لي بمخز ، إن شاء الله . فقال الناس : يا أبا عبد الله ، يا أحمد ، رد على هذا السفيه . قال : لا والله ، فأين القرآن إذن ؟ يقول الله عز من قائل : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجاهلونَ قَالُوا سَلاماً} (الفرقان: من الآية 63) هذا هو القرآن الذي يمشي على الأرض . كان يجلس للناس ،رحمه الله ، فيتعلمون منه وينظر إليهم ويباسطهم . قال ابنه عبد الله : دخلت على أبي ، وهو جالس في البيت متربعا مستقبل القبلة، ودموعه تهمل على خديه ، فقالت : يا أبتاه، ما لك ؟ قال : تذكرت في هذه الغرفة موقفي في القبر وحدي لا أنيس إلا الله . قال : فأراك متربعا لماذا لا تتكئ وتريح نفسك ؟ ( لأنه شيخ كبير ) ؟. قال : استحي أن أجالس الله ،وأنا متكئ ، أما يقول الله : أنا جليس من ذكرني ،أنا جليس من ذكرني . دخل عليه الأديب الكبير ثعلب فقال له الإمام أحمد : ماذا تحفظ من الأدب والشعر ؟ قال : أحفظ بيتين . قال : ما هما ؟ قال : قول الأول .
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن قل على رقيب ولا تحسبن الله يغفل طرفــه *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب فوضع الكتاب من يده ، وقام وأغلق على نفسه الباب ، وبقي في الغرفة . قال تلاميذه: والله ، لقد سمعنا بكاءه من وراء الباب ،وهو يردد البيت : إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب كانت اكبر الأماني في حياته أن يحمل السيف مجاهدا في سبيل الله . نظر إلى قدميه وقت الوفاة فبكى ، وقال : يا ليتها جاهدت في سبيل الله . لكن والله ، لقد جاهد جهادا من أعظم الجهاد ، وبذلك علمه ، وبذل خلقه ، وبذل جاهه ، وبذل ماله، وبذل كل ما يملك في رفع لا إله إلا الله فكان إمام الدنيا بحق . قال يحيى بن معين : والله ما رأيت أحدا كأحمد من حنبل ، والله ما أستطيع أن أكون مثله ثلاثة أيام . وقال الإمام الشافعي ، رحمه الله : خرجت من بغداد وسكانها ألف ألف ( يعني: مليون) فوالله ، ما خلفت رجلا أتقى لله ، وأعلم بالله ، وازهد لله وأورع عن حرمات الله ،ولا أحب من الإمام أحمد بن حنبل . رحم الله الإمام أحمد بن حنبل وأسكنه فسيح جناته وحشرنا في زمرته . | |
|
khalil011131 ::مدير الموقع::
عدد المساهمات : 3768 نقاط : 4247 السٌّمعَة : 45 تاريخ التسجيل : 29/12/2010
| موضوع: رد: بطل المحنة :الإمام ابن حنبل الجمعة 11 مارس 2011, 10:16 pm | |
| اللهم آمين لقد استمتعت بقراءة موضوعك اي استمتاع بارك الله فيك و جعلني و إياكم مثله أو احسن منه | |
|
عاشقة الجنان ::مشرفة عامة::
الجنس : عدد المساهمات : 931 نقاط : 1306 السٌّمعَة : 11 تاريخ التسجيل : 07/03/2010 العمر : 34 الموقع : www.kutub.info العمل/الترفيه : أسعى لرضا الرحمان والفوز بالجنان المزاج : الحــمــد لله
| موضوع: رد: بطل المحنة :الإمام ابن حنبل الجمعة 11 مارس 2011, 10:21 pm | |
| الحمد لله وفيك بارك المولى اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآميـــــــــــــــن شكرا لمروورك وجزيت كل الخير | |
|
khalil011131 ::مدير الموقع::
عدد المساهمات : 3768 نقاط : 4247 السٌّمعَة : 45 تاريخ التسجيل : 29/12/2010
| موضوع: رد: بطل المحنة :الإمام ابن حنبل الجمعة 11 مارس 2011, 10:25 pm | |
| جزانا و إياكم خير الجزاء العفو | |
|